الفصـــل 25 من دستور المملكة : حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. حرية الإبداع والنشر والعرض في المجالات الأدبية والفنية والبحت العلمي, والتقني مضمونة.


‏إظهار الرسائل ذات التسميات سيرة ذاتية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات سيرة ذاتية. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، يوليو 30، 2019

اسمك .. تختاره أم يختارك : عبده حقي


اسمك .. هو أنت حين تجد نفسك على حين غرة في أول سقطة على أديم كوكب لم تختره سلفا وأنت ترتع في متاهات العدم. تلفاه قد سيجك من كل جانب وطوقك

الأربعاء، نوفمبر 28، 2018

سيرة ذاتية كاملة مسموعة بعنوان : عودة الروح لابن عربي ... للكاتب المغربي عبده حقي


صدرت للكاتب المغربي عبده حقي سيرة ذاتية بعنوان “عودة الروح لابن عربي.. عن أيام مكناس وفاس الجميلة” ويروم الكاتب من خلال هذه النسخة المسموعة الكاملة بعد

الاثنين، نوفمبر 26، 2018

كتاب مسموع ( الجزء الحادي عشر) سيرة ذاتية بعنوان : عودة الروح لابن عربي ... للكاتب المغربي عبده حقي

صدرت للكاتب المغربي عبده حقي سيرة ذاتية بعنوان “عودة الروح لابن عربي.. عن أيام مكناس وفاس الجميلة” ويروم الكاتب من خلال هذه النسخة المسموعة 

الأحد، نوفمبر 25، 2018

كتاب مسموع ( الجزء التاسع ) سيرة ذاتية بعنوان : عودة الروح لابن عربي ... للكاتب المغربي عبده حقي

صدرت للكاتب المغربي عبده حقي سيرة ذاتية بعنوان “عودة الروح لابن عربي.. عن أيام مكناس وفاس الجميلة” ويروم الكاتب من خلال هذه النسخة المسموعة 

الجمعة، نوفمبر 23، 2018

كتاب مسموع ( الجزء الثامن ) سيرة ذاتية بعنوان : عودة الروح لابن عربي ... للكاتب المغربي عبده حقي

صدرت للكاتب المغربي عبده حقي سيرة ذاتية بعنوان “عودة الروح لابن عربي.. عن أيام مكناس وفاس الجميلة” ويروم الكاتب من خلال هذه النسخة المسموعة 

الخميس، نوفمبر 22، 2018

كتاب مسموع ( الجزء السابع ) سيرة ذاتية بعنوان : عودة الروح لابن عربي ... للكاتب المغربي عبده حقي

صدرت للكاتب المغربي عبده حقي سيرة ذاتية بعنوان “عودة الروح لابن عربي.. عن أيام مكناس وفاس الجميلة” ويروم الكاتب من خلال هذه النسخة المسموعة 

الاثنين، نوفمبر 19، 2018

كتاب مسموع ( الجزء السادس ) سيرة ذاتية بعنوان : عودة الروح لابن عربي ... للكاتب المغربي عبده حقي

صدرت للكاتب المغربي عبده حقي سيرة ذاتية بعنوان “عودة الروح لابن عربي.. عن أيام مكناس وفاس الجميلة” ويروم الكاتب من خلال هذه النسخة المسموعة 

السبت، نوفمبر 17، 2018

كتاب مسموع ( الجزء الخامس ) سيرة ذاتية بعنوان : عودة الروح لابن عربي ... للكاتب المغربي عبده حقي

صدرت للكاتب المغربي عبده حقي سيرة ذاتية بعنوان “عودة الروح لابن عربي.. عن أيام مكناس وفاس الجميلة” ويروم الكاتب من خلال هذه النسخة المسموعة

الجمعة، نوفمبر 16، 2018

كتاب مسموع ( الجزء الرابع ) سيرة ذاتية بعنوان : عودة الروح لابن عربي ... للكاتب المغربي عبده حقي

صدرت للكاتب المغربي عبده حقي سيرة ذاتية بعنوان “عودة الروح لابن عربي.. عن أيام مكناس وفاس الجميلة” ويروم الكاتب من خلال هذه النسخة المسموعة بعد 

الأحد، نوفمبر 11، 2018

كتاب مسموع ( الجزء الثالث) سيرة ذاتية بعنوان : عودة الروح لابن عربي ... للكاتب المغربي عبده حقي

صدر ت للكاتب المغربي عبده حقي سيرة ذاتية بعنوان “عودة الروح لابن عربي.. عن أيام مكناس وفاس الجميلة” ويروم الكاتب من خلال هذه النسخة المسموعة بعد

الجمعة، نوفمبر 09، 2018

كتاب مسموع ( الجزء الثاني ) سيرة ذاتية بعنوان : عودة الروح لابن عربي ... للكاتب المغربي عبده حقي

صدر ت للكاتب المغربي عبده حقي سيرة ذاتية بعنوان “عودة الروح لابن عربي.. عن أيام مكناس وفاس الجميلة” ويروم الكاتب من خلال هذه النسخة المسموعة بعد إصداره

الخميس، نوفمبر 08، 2018

كتاب مسموع ( الجزء الأول ) سيرة ذاتية بعنوان : عودة الرواح لابن عربي ... للكاتب المغربي عبده حقي

صدر ت للكاتب المغربي عبده حقي سيرة ذاتية بعنوان “عودة الروح لابن عربي.. عن أيام مكناس وفاس الجميلة”

الاثنين، يونيو 26، 2017

صدور النسخة الإلكترونية من السيرة الأدبية (عودة الروح لابن عربي ) للكاتب عبده حقي

بعد صدور النسخة الورقية الأصلية للسيرة الأدبية (عودة الروح لابن عربي ) للكاتب عبده حقي أصدر هذا الأخير النسخة الإلكترونية لهذه السيرة وذلك بهدف تعميمها رقميا

الثلاثاء، مايو 30، 2017

بداية الحكاية : عبده حقي

تبقى حكاية العلاقة بين جدته وجده صندوقا مقفلا إلى الأبد حيث لا أحد من الخلف أوالأحفاد يعلم بخيوطها وخباياها البعيدة ، فكل ما يعلمه صاحب هذه السيرة الذاتية هوما تواتر من قصص العلاقات الإجتماعية التقليدية الصحراوية التي تقوم أساسا على الحشمة والحياء وعلى دورالقبيلة في شرعنة هذه العلاقة عن طريق الزواج بالفاتحة أوبواسطة كتاب العدول في السوق الأسبوعي .
أما عن علاقة جده وجدته فمن المؤكد أنهما قد رحلا معا مشيا على الأقدام في مطلع العشرينات من القرن الماضي واستقرا بمدينة مكناس بأحد الأزقة المتفرعة عن شارع "اروامزيل" في بداية الأمر.
ويعتبر شارع "اروامزيل" من بين أهم شوارع المدينة العتيقة ويعد المعبرالرئيسي نحو المدينة الجديدة "حمرية" . يضم هذا الشارع عديدا من المتاجرالعصرية والمقاهي والمطاعم الشعبية وثلاث دور للسينما هي "المونديال" و"الأطلس" و"أبولو" .
إن حركية هذا الشارع النشيطة وموقعه الإستراتيجي كرابط بين المدينة العتيقة "قبة السوق" والمدينة الجديدة "حمرية" جعله محطة استقطاب للوافدين المهاجرين الجدد على مدينة مكناس لأنه كان يتيح كثيرا من فرص الشغل وممارسة الحرف والمهن سواء في المدينة العتيقة أوفي المدينة الجديدة "حمرية" التي أنشأها الإستعمارالفرنسي وشيد بها المنشآت الصناعية والإدارية والفندقية والمرافق الصحية والتعليمية العمومية والخاصة والتي ماتزال معالمها إلى اليوم بعد مئة عام من تشييدها قائمة بنفس الدورالخدماتي الذي شيدت من أجله قبل قرن من الزمن .
في أحد دروب شارع "اروامزيل" القريب من سينما "مونديال" إزداد والده حوالي سنة 1932 حسب ما هو موثق في كناش الحالة المدنية ، ما يعني أن أعمامه وعماته الأكبرمن والده سنا وعددهم أربعة قد إزدادوا هم أيضا هنالك .. وإذا ما تتبعنا دورة التناسل الطبيعية التي تفصل بين كل مولود ومولود غالبا ماتكون عامين وبالتالي حسابيا قد يكون جده وجدته على الأرجح قد إستقرا بهذا الزقاق بين سنوات 1920 و1922 .
بعد شارع "اروامزيل" إنتقلت عائلته إلى حارة "باب القاري" التي لاتبعد سوى بنحو مئتي مترعن شارع "اروامزيل" .. إن صاحبنا وغيره من أفراد العائلة لايدرون ما هي الأسباب الحقيقية التي جعلت الجد ينتقل إلى حارة "باب القاري" .. هل كان ذلك بحثا عن بيت أرحب يتسع لكثيرمن الأولاد أم للسكن قرب ورشة عمل جديد أم لأسباب أخرى ...
وحارة "باب القاري" من المواقع التاريخية الهامة في العاصمة الإسماعيلية مكناس . إنها تضم قصروضريح السلطان المولى إسماعيل وإلى جواره توجد قبة "الخياطين" التي يقع تحتها دهليزشاسع يبلغ طوله حوالي ثلاث كيلو مترات يسمى "حبس قارا" وهو قد كان سجنا رهيبا ومرعبا شيد من أجل سجن المعتقلين من جيوش النصارى الذين كان جيش البخاري يلقي عليهم القبض خلال حقبة المناوشات الحربية التي كانت تقع بين المغرب وبعض الدول الأوروبية على الحدود والثغورالشاطئية خصوصا الإسبان والبرتغاليين والفرنسيين .
لقد كان صاحبنا وأصدقاؤه وهم صغارا يزورون من حين لآخرهذه السراديب الرهيبة ، وكانوا يشاهدون الأصفاد والسلاسل الحديدية الضخمة المعلقة على الأسوارغيرأنهم كانوا لايجرؤون على الإيغال بعيدا في أعماق تلك السراديب مخافة أن يضيعوا طريق العودة وينفقدون مثلما إنفقد عديد من السياح خلال زياراتهم لهذا القبوالشاسع .
يوجد أيضا بهذه الحارة منتزه "كولف" يعتبرامتدادا للقصرالسلطاني كما توجد بها ساحة شاسعة شبيهة بساحة باب الماكينة بمدينة فاس التي يقام بها كل سنة المهرجان الدولي للموسيقى الروحية .
خلف "سجن قارا" توجد إحدى أهم المعالم التاريخية ليس بمكناس فحسب وإنما في المغرب وشمال إفريقيا : إنه "باب المنصورالعلج" وهومن أشهرالبوابات بمكناس ويعتبرأيقونة المدينة ومفخرتها التاريخية وهو مشرع من جانبيه على ساحتين هما ساحة "لالة عودة" وساحة "لهديم" المشهورة عالميا حيث كانت ملتقى استعراضات جيوش البخاري والتي تحولت اليوم إلى ساحة للفرجة الشعبية مثل ساحة "بوجلود" بفاس وساحة "جامع لفنا" بمراكش ...
في هذا الفضاء التاريخي التليد إنتقل جده وجدته وأعمامه الصغارللسكن بدرب "الصوف" . ومن القصص الطريفة التي وقعت في هذا الفضاء السلطاني أن شيخا مسنا كان كل يوم يجلس تحت جذع شجرة فيحاء توجد أمام بوابة ضريح السلطان المولى إسماعيل ، وكان هذا الشيخ يقضي طول يومه هناك يتوسل المارة وزوارالضريح بالنقرعلى آلة "الطبيلة" بعصاوين قصيرتين مرددا أغاني صوفية من التراث الفيلالي المغربي . ومما يحكى عنه أن كوكب الشرق السيدة أم كلثوم خلال زيارتها لمدينة مكناس سنة 1969 توقفت عند هذا الشيخ لعدة دقائق واستمعت لنقرات إيقاعاته التراثية الجميلة التي أعجبت بها كثيرا وقبل أن تنصرف نفحته قدرا هاما من المال يشاع أنه بلغ خمسمئة درهم مايعادل اليوم خمسة آلاف درهم ..
كانت حارة "باب القاري" هي المعبرالخلفي لساحة "لهديم" ومنها كان صاحبنا ورفقاؤه يمرون إلى المدينة العتيقة .. إلى شارع "اروامزيل" ومنه إلى المسبح البلدي "لابيسين" أو حديقة "لحبول" أو المدينة الجديدة "حمرية" التي تتراءى معالم عمرانها العصري هنالك متربعة على قمة الهضبة .
وأخيرا بعد هذه الرحلة إنتقلت العائلة من حارة "باب القاري" إلى حي "بني امحمد" حيث إشترى جده قطعة أرضية وبنى بها بيتا جديدا وكان ذلك على الأرجح في أوائل الأربعينات من القرن الماضي .
تعتبرحارة "ابني امحمد" هاته امتدادا مجاليا لحارة "باب القاري" إذ لاتبعد عنها سوى ببضع عشرات من الأمتار، غيرأن مايميز تركيبتها الإجتماعية هو توافد معظم سكانها من واحة تافيلالت حيث تغلب السمرة على سحنات أهاليها وتتقاطع لكنة دارجتهم كثيرا مع أهالي تافيلالت وقصرالسوق .
يحد حارة "بني امحمد" ثلاث بوابات رئيسية هي : الباب الغربي المشرع على فضاء حي "الملاح الجديد" وباب "صهريج السواني" الذي يقام فيه أضخم وأشهرمعرض دولي للفلاحة كل سنة وباب "اسباتا" المشرع من جهته على سهول وضيعات الجهة الغربية .
لقد أنجبت حارة "بني امحمد" هاته عديدا من الشخصيات الوازنة في عالم السياسة والرياضة والفن والثقافة نذكرمن بينهم إدريس محمدي أول وزير داخلية مغربي في حكومة عبدالله إبراهيم التي عينها الملك محمد الخامس يوم 4 ديسمبر 1958 واستمرت في أداء مهامّها حتى 21 مايو 1960 وهناك وزير الداخلية السابق احميدو لعنيكري ومعالي الأستاذ حميد آيت أوعلي سفيرالمملكة المغربية في البحرين ثم وفي الإمارات العربية المتحدة حاليا وعامل إقليم آسفي السابق أحمد شوقي ولاعب المنتخب الوطني لكرة القدم في نهائيات كأس العالم سنة 1998 بفرنسا اللاعب عبدالجليل هدا الملقب ب"كاماتشو" والممثل والمخرج إدريس الروخ والقاص والروائي عبدالنبي كوارة وغيرهم ...
يقينا أنه في هذا البيت البسيط كانت بكل تأكيد بداية الحكاية الحقيقية لبطل هذه السيرة الذاتية .. من هنا إذن تنطلق الذاكرة ومن هنا تبدأ حكايته وحكايات الآخرين .
يشق حارة "بني امحمد" شارع رئيسي يمتد من الباب الكبير إلى مشارف حي "اسباتا" الحديث العهد.
ليس هناك مايثبت مصدرتسمية هذه الحارة ب (بني امحمد) . هل يعود هذا الإسم إلى مالك الأرض التي بنيت عليها منذ أوائل القرن العشرين أم يعود لسكان قبيلة "بني امحمد" في تافيلالت الذين ربما قد يكونوا هجروا إليها أم لسبب آخرغيرمعلوم .
تقوم هذه الحارة على هندسة عشوائية لاتنضبط لأي تصميم محكم ، والتباين بين مساحات البيوت يجعل الأزقة الضيقة لاتستقيم على تشكيل معقلن ... إنها مجموعة من البيوتات الواطئة المتقاربة جدا والتي يتعذرعلى السيارات والشاحنات أحيانا المرورمنها بل هي لاتصلح فقط إلا لمرور الدواب والدراجات والمركبات الخفيفة .
أما الدرب الذي ازداد فيه صاحبنا فتوجد به سقاية هي مورد الماء الرئيسي للأهالي ومنها كانت تملؤ القلال الجلدية والسطول الحديدية والمقاريج ..إلخ وبها يتوضؤ الرجال العابرون إلى مسجد السويقة للصلاة وتعقد لقاءات النساء للحديث عن همومهن .. أفراحهن وأسرارهن ...
كان يوجد بدرب صاحبنا خياط عصري وحانوت ضيق جدا لفقيه كسيح إسمه السي العربي الذي كان يخطط على قصاصات من ورق التمائم والتعاويذ للنساء العليلات والأطفال المرضى بهوس الجن.. ويوجد بالدرب كذلك فران الحومة الذي مايزال يشتغل على الأرجح منذ أكثرمنذ سبعين سنة إلى اليوم .. ويوجد أيضا في راس الدرب جزاروسفناج ولبان وبقال ونجار..إلخ
كان هذا الدرب معبرا أساسيا لوجوه مألوفة ووجوه غريبة ولأصوات الباعة والحرفيين المتجولين على أقدامهم أوالمرفوقين بحميرهم وكراريسهم ...
في هذا البيت .. في هذا الدرب .. في هذه الحارة شرعت عائلته تدون تاريخها منذ منتصف ثلاثينات القرن الماضي .. كان والده رحمه الله يبلغ من العمروقتئذ ثمان أو عشرسنوات حينما إنتقلت العائلة من حارة "باب القاري" إلى حارة "بني امحمد" .
لايمكن الحديث عن هذه الفترة من عمرالوالد دون الحديث عن سياقها التاريخي في عهد الحماية الفرنسية حيث طفقت بعض مظاهرالحداثة تتخلل المعيش اليومي للأهالي في حارة "بني امحمد" ، فالدرب كان ومايزال يسمى درب "الشيفور" أي سائق السيارة بالفرنسية Chauffeur. والحارة تشهد كل يوم مرور عربة يجرها بغل ضخم خاصة بتوزيع الغازالسائل على الدكاكين من مضخة كبيرة ذات ذراع حديدي يتم الضغط به من أجل ملء براميل البقالة بالغازالسائل الذي كان يستعمل في إنارة اللمبات في البيوتات ، إذ أن جل المنازل لم تكن مزودة زمنئذ بشبكة الإنارة . وكان الدرب يشهد أيضا مرورالدراجات العادية والنارية من حين لآخر .. ورسو سيارة "أوبيل" خضراء اللون لجارهم الثري الفلاح الإقطاعي الذي كان يملك عشرات الهكتارات من الأراضي الفلاحية بضواحي مكناس . وكنت تسمع أزيزماكينات الخياطة "سانجير" في البيوت التي اقتنتها النساء لرتق الملابس القديمة أولخياطة ملابس جديدة ..إلخ
كان الخروج من جزيرة "بني امحمد" خروج إلى مدينة أرحب .. إلى حياة عصرية بدأت تدب رويدا رويدا في بنية المجتمع المكناسي . فشوارع المدينة الجديدة الفسيحة بطرازعمرانها الفرنسي الحديث تجوبها شاحنات الجيوش ومركبات الشرطة الفرنسية . وورشات ومعامل الإصلاح التقني والميكانيكي تتوزع هنا وهناك ، والمقاهي والمطاعم والمقشدات والحانات تفتح في كل مكان . وشرعت الهيئات والجمعيات الرياضية تنظم بعض المسابقات في كرة القدم وسباق الدراجات والسيارات والملاكمة ..إلخ وكنت لاتسمع في فضاءات حي "حمرية" العصري الجديد غيراللغو بالفرنسية بدل اللهجة الدارجة المغربية .
كان والده رحمه الله ذو نزوع ورغبة جامحة في إثبات ذاته كبطل في إحدى الرياضات ولذلك كان منذ حداثة سنه يميل إلى العراك مع أقرانه لأتفه الأسباب ولم يكن أبدا يرضى بالهزيمة .
في مطلع الخمسينات إنخرط في إحدى الشركات الصناعية الكبرى .. تعلم أبجديات التقانة والخراطة الحديدية وهناك أيضا تعلم اللغة الفرنسية وصار يتحدث بها بطلاقة .
إشترى والده دراجة هوائية ليتنقل بها إلى الشركة الصناعية في "حمرية" ثم إستبدلها بأخرى خاصة بسباق الدراجات . وكان يحرص كثيرا على الوصول في الصباح الباكرإلى مقرعمله في الشركة الصناعية "لاسيام" قبل قدوم باقي العمال ليمارس رياضة حمل الأثقال وكمال الأجسام مستعملا في ذلك بعض قطع الغيارالثقيلة حتى صاررحمه الله ذوقامة رياضية أولمبية بارزة .
ذات يوم زار بيتهم شرطيان فرنسيان . طرقا الباب بلطف . فتحت الجدة الباب فذهلت لوجودهما ظانة أنهما قد جاءا لاعتقال أحد أولادها الشباب المتورطين في إحدى العمليات الفدائية ضد المستعمر. غيرأنهما طمأناها وأودعا لديها إستدعاء خاصا لكي يحضروالده إلى مخفرالشرطة "الكوميسارية سونترال" في "حمرية" بعد عودته من العمل .
حامت الظنون بجدته وحين عاد والده من العمل عند الزوال سلمته الإستدعاء . بعد أن طمأنها ببراءته قفل عائدا إلى مخفرالشرطة . إستقبله أحد المسؤولين بحفاوة زائدة ، استغرب لها والده ثم بعد لحظة مقابلة ودردشة استئناسية طلب منه المسؤول أن ينضم إلى الفريق الوطني الفرنسي للملاكمة مقابل حصوله على الجنسية الفرنسية وامتيازات مالية ومعنوية . وكانت المفاجأة أن والده رفض أن يلعب تحت العلم الفرنسي وفاء لثوابت ومقدسات الوطن .
حكايات والده مع الإستعمارالفرنسي كثيرة لن تتسع لها فصول هذه السيرة الذاتية لعل أهمها إنتفاضة ثورة الملك والشعب أواسط الخمسينات حيث قاد والده جماعة من المقاومين الشباب وقاموا بعدة عمليات ثورية في "حمرية" وفي ضواحي مكناس أهمها إحراق ضيعة المعمرالفرنسي "مانويل". فقد عمدت هذه الجماعة الفدائية إلى تبليل بعض الفئران والقطط الضالة بالغاز السائل وأشعلت فيها النارثم أطلقت سراحها في ضيعة "مانويل" مما أدى إلى إحراق كل المحصول الزراعي ، كما امتدت النيران إلى مستودع الآليات الفلاحية فاحترق بالكامل .
ليس هذا فحسب فقد كان والده كثيرا ما يختلق المناوشات بينه وبين العمال الفرنسيين التي غالبا ماكانت تنتهي بمبارزات ملاكمة شرسة يكون هو دائما الفائز بها مما جعلهم يتوجسون كثيرا من إثارة غضبه أومعاكسته بالقوة .

لايرغب صاحبنا في الإستطراد في تضخيم رمزية والده الذي إستطاع أن ينحت له كاريزمية خاصة مايزال يشهد بها مجايلوه من الشباب وماتزال مصدرإعتزازه حتى وهومنهمك اليوم في كتابة هذه السيرة الذاتية .

الجمعة، أبريل 15، 2016

1976 – 2016أربعون عاما في الصفحة الأولى عبده حقي

1976 – 2016أربعون عاما في الصفحة الأولى عبده حقي
ماتزال تلك الليلة القائظة والبعيدة جدا في صيف 1976 تردد في مسمعي تمزقات وتأوهات ولادتي الرمزية .. ولادة كاتب مفترض في حمأة سنوات العنفوان الشبابي المضطرم في أذهان جيلنا الثوري اليافع.

الجمعة، أغسطس 21، 2015

الكاتب عبده حقي : دليل كتاب وكاتبات المغرب

إسم الشهرة : عبده حقي
الإسم الرسمي : عبدالحق عينو من مواليد مدينة مكناس يوم 13 أغسطس 1956 .
والإسم العائلي (عينو) (AINOU ) لم يكن اللقب الحقيقي للعائلة وإنما كان من اختراع

السبت، أغسطس 15، 2015

معلومات شخصية



معلومات شخصية
إسم الشهرة : عبده حقي
الإسم الرسمي : عبدالحق عينوABDELHAK AINOU
رقم الهاتف الخاص مع كود الدولة 78 00 74 00 6 212
البريد الإلكتروني  abdouhakki@gmail.com
عنوان المراسلات البريدية : عبدالحق عينو ص. ب 7010 الزهورــ سايس ــ فاس  30060 ـــ المملكة المغربية
الاسم الكامل باللغة العربية والإنجليزية كما هو في جواز السفر أو أي وثيقة رسمية
ـــ إسم الشهرة : عبده حقي
ـــ الإسم الرسمي : عبدالحق عينو
ـــ عضوإتحاد كتاب الإنترنت العرب.
ـــ رئيس لجنة الإنترنت والعلاقات الرقمية في إتحاد كتاب الإنترنت العرب .
ـــ عضو بالشبكة لدولية للصحفيين http://www.icfj.org
ـــ عضو بالإتحاد الدولي للصحافة الإلكترونية www.iuej.org
ـــ عضو الهيأة الدولية لحماية الإبداع الأدبي والفكري http://www.icpli.org.uk/cpanel
ـــ عضو سابق الرابطة المغربية للصحافة الإلكترونية .
ـــ عضو البيت الثقافي العربي الهندي
ـــ نائب رئيس بيت الأدب المغربي
ـــ سابقا مديرتحرير مجلة إتحاد كتاب الإنترنت المغاربة الإلكترونية .
ـــ سابقا مديرلموقع إتحاد كتاب الإنترنت العرب
الإصدارات الورقية والرقمية والمسموعة :
20 ــ أسئلة ورهانات الصحافة اليوم وغدا : عبده حقي
19 ــ المثقف الذي ... (مقالات) كتاب إلكتروني
18 ــ ماهو الأدب الرقمي ؟ ترجمات عبده حقي
17 ــ عودة الروح لابن عربي (سيرة ذاتية )ورقية وإلكترونية ومسموعة.
16ــ أساطير الحالمين (رواية) إلكترونية .
15 ــ حوارات في الثقافة المغربية (حوارات)ورقية وإلكترونية.
14 ــ حوارات في الثقافة العربية (حوارات)إلكتروني.
13 ــ من زمن التمرد إلى زمن التدمير(ملفات ثقافية) كتاب إلكتروني .
12 ــ نبذة عن تارخ الإنترنت والكتاب الإلكتروني(ترجمة ) إلكتروني
11 ــ أنتولوجيا القصة القصيرة بالمغرب منزمن التأسيس إلى زمن الإنترنت...إلكتروني
10 ــ دور الصحافة الحزبية والمستقلة في التحولاتالديموقراطية بالمغرب إلكتروني.
9 ــ أنتولوجيا الشعر المغربي 2000 ــ 2010 .إلكتروني
8 ــ متى يأتي الربيع (مجموعة قصصية) إلكترونية .
7ــ تمارين شعرية (ديوان شعر) إلكتروني.
6 ــ (ماماغولا) مجموعة قصصية (2013)
5 ــ زمن العودة إلى واحة الأسياد (رواية)ورقية وإلكترونية.
4ـ صناعة الرأي العام بين ثالوث الإعلاموالإنترنت وتكنولوجيا التواصل . إلكتروني
3ــ مفهوم النص في الأدب الرقمي (الجزء الأول ) إلكتروني .
2 ــ مفهوم النص في الأدب الرقمي (الجزء لثاني) .إلكتروني
1ــ حروف الفقدان (مجموعة قصصية) ورقية وإلكترونية.
الإعلام الورقي
أنشر في جل الجرائد والصحف المغربية والعربية

الجمعة، أغسطس 14، 2015

أنا أكتب إذن أنا مفقود

ورم الكتابة
أنا أكتب إذن أنا مفقــود
نص سردي
وينعتني بالخيانة .
واستيقن أنه لا حرف ولا كلمة، ولا سمة ولا علامة، ولا اسم ولا رسم ولاألف ولاياء، إلا وفي مضمونه آية تدل على سر مطوي، وعلانية منشورة، وقدرة بادية، وحكمة محبورة، والهية لائقة، وعبودية شائقة وخافية مشوقة، وبادية معوقة” “الاشارات الالهية” أبو حيان التوحيدي.
ندف تسقط من سقف الاستكانة ثم تندس بين اتلام الألفاظ المكتوفة..وما كنت أبدا تحت جسرالاثبات، حتى تخسف المجرة في قيعان المحابر الانوسة .. في جهمة تنشر لحافها على مفاوز الثرمان و يزدحم بين بواني الصدر صبار الشجن.
كيف الآرق المجرس مثلي بتكينن الفصل العدني ينقش على حيطان متلفعة في خمر الخيضور ونوافذ مكتحلة باثميد الجنزار، تنجاب بإهابها بثور التباريح.. وتلك الرؤى القرمزية تستعر في ثنايا الفكر معاندة لدراية التفافيد.. وما في رؤوس أحبتي غير هبريات وبعض حتات كلام.. وأسبلتهم ما تزال تنأى فيها النهاية لنهاية بلا نهاية
أصغي الى أناشيد الحيارى تمضغ الحجير ومن فوقها دخان وغبار وأشلاء تشبهني على طول الشارع العربي ودم شرقي يرش وجهي كل صباح ويهتف بي أفق خفيف الظل هذا السحر نادى دع النوم و
وحدي هنا، ووحدكم هناك وذات الوجه اللبلابي تسقيني عصارة الخشخاش كيما تندلق الشواعر على صدر اللوح علامة.. أنهك جسدها على سرير المجازات… ما استرحت أنا.. وما هي استراحت .. والسفينة ما أفضت بنا الى أرخبيل الريعان.
وحدي هنا أعانق الأنواء واللغة المستربلة بالتعنت ، فمتى أنعم ببهاء المواءمة وتفضح أنفاس صدري تميمة العشق الأزلي
أرنو مشدوها الى دمارالنشيد وانكسارالأقلام واجتتاث اللون ، وأطارد نقع من رحلوا قبلي الى سعير الأسئلة المنعقدة وزمن البلاغة المشتهاة..
الآباء .. الكبرياء .. أولئك الذين ابتلعوا بيش القصائد..
الذين قطفوا الجلنار من مكامن النارالسحيقة.
هنا أيها الأحبة على حد الانفضاح حيث يتعرى المريدون مثلي في انتظارالذي ولايأتي، منتصبا كنت وما أزال، على أن أرحل كي أبكي حروفا نازفة في مغانم الشطار..
منذ أمد بعيد ، في بيداء مسقوفة بالهجيرنزل علي المتنبي ملاكا مرهقا.. تلا قصيدته في أذني ، وتحت ترابي الجسداني دس بذرة البنوة وسقاني من شراب الحصرم المعتق
أسرجت حصاني .. حذوت حذوه وأوقعت حافري على حافره ومضيت إثره جذلان في الخلاءات المجذابة .. كنت مجدوف اليد.. متجملا في تجوابي المستديم.. يلملم التوجس أشرعتي.. ويلوك الآجدان العمر.. افتش عن سيدة بقامة قصيدة متفردة.. تبلل ضفائرها في أنهرالندى وتنام على رصيف الشفة التي تقطر بالجمرالعذب.
كان وجهي جؤجؤا يطفو فوق البحرالميت وفي عطفة الكناس قرب “قبرالوردة” وبساتين ” الله المنداحة” ناولت شيخ الشعراء ورقتي الأولى. قرأها ثم مزقها ونثرها على وجه جذاذات. وقال:
يا ولدا
يمتشق الكتابة
أما تخشى أن تتلع فيك القصيدة ؟؟
فيجرفك الثجيج المتلاف
الى الحافة النائية.
ياشيخ الشعراء
هاأنا ذا بعدك ، ماأزال أحبوفي الكتابة ، كالطفل تارة تمنحني نجمات السهد وكثيرا ما تلفعني بدثارالكآبة …

تجربتي مع النص الأول بقلم:عبده حقي


كيف نأتي إلى فخاخ الكتابة أوكيف تأتي غواية الكتابة إلينا .. ؟ يحيرني هذا السؤال الوجودي المبهم والغامض .. من يشد رحاله إلى عوالم الآخر، أهي الذات إلى الكتابة أم الكتابة إلى الذات ..؟ هل الكتابة تشبه تلك السيدة الساحرة

من يكتب من ؟ الكاتب أم الطفل


أكتب طفولتي الآن أم تكتبني ؟ أستعيرمن زمنها السحيق أم تستعيرمن زمني الراهن لأركض معها ثانية على صهوة اللغة العريقة ، وأعيد رسم حارة عتيقة مصطخبة في زمن فجرستيني بديع .. كيف بي وبأية يد ساحرأستطيع ان أسكب بحرطفولتي المتلاطم في حجم فنجان قهوة رمضانية ..
من أين إذن أبدأ لحظة الكتابة عن الطفولة ؟ أمن المصباح الأحمرالصغيرالمسهد فوق مهدي وهو يحصي نوبات السعال الديكي التي كم مرة أفنتني وأعادتني إلى حلقة الولدان في الضفة الأخرى من الجنة...
هناك في مكناس حيث (الداراللي هناك ) التي تتغنج بقلادة (القمرالأحمر) قد لملمتني يد أمي الرؤوم في قماط فجرالإستقلال في حارة كانت تتلمس أولى خطوات الحبوالمرتابة على عصرالحداثة .. لن أنسى قامة والدي المفتون برياضة كمال الأجسام .. المسكون بطي المسافات على دراجة السباق .. ولن أنسى هالة والدة معتكفة هناك في ركن ما بضريح (مولاي إدريس الأكبر) وعبق التاريخ يفوح من خمارها الأبيض الحايك واعتدادها بالجذورفي كل أحاديثها الأنيسة عند أزقة زرهون وأحجارها الصلدة وعرصاتها من رمان وتين وزيتون مبسوطة على حفافي قرية وليلي الرومانية .
كنت أستيقظ ولم يتبين بعد الخيط الأبيض من الخيط الأسود .. أختلس الدراجة الهوائية الصغيرة المتكئة على السفرجلة في فناء الدار، وأذرع الدرب جيئة وذهابا ريثما يخرج جدي الذي كان مقدم جامع (السويقة) .. كنت أرافقه فجرا وأنا نشوانا بنورالدراجة الصغيرة الذي يضرب أمامي على الإسفلت .. متسمعا لابتهالات جدي خلفي وهويغمغم وحيدا في صمت الحارة الصباحي وبيده السبحة ذات الحبات الخشبية.. أسند الدراجة الصغيرة على سارية باب الجامع وأمضي توا إلى الصهريج لأتوضأ ...
طفولتي كانت طفولة تيه .. تيه لايتعب من تحت أقدام الأسوارالتي تطوق صهريج (السواني) العتيق .. لم تكن أسوارا للمدينة العاصمة فحسب بل كانت طريقي المنتصب الذي كنت أهتدي بها حين تضيع مني الطريق .. كانت أسوارها سبورات لخربشات عشقنا الأول حيث (الحب لايموت) ، ولكم رسمنا على صدرها ( سهام كيوبيد) التي أدمت قلوب العاشقات وكم حفرنا فيها مواعيد للحبيبة مرموزة بإزميل الهيام العفيف تحت البوابة الأرجوانية العريضة ... كانت تلك الأسواربلا مراء أولى دروسنا في التاريخ ، فقد علمتنا كم كان السلطان يخشى على بهاء المدينة المكناسية من الدخلاء أو من طمع الطامعين الإفرنجة ... الأسواربمعنى ما كانت قلادة مجدولة من معدن الطين المقدس علقها السلطان على جيد المدينة الحبيبة ...
الطفولة من هذه النافذة هي المكان الذي إحتضنها وبسط لها ذخائرالصورواللغة .. فإن كانت مدينة تأتي لغة تمتح من ضجيجها وتنوعها وغناها وحركيتها اليومية ... وإن كانت قرية فلغة تمتح من إمتدادات تضاريس لاتعترف بالحدود ، لغة تتكلم عن نهاروليل لاتتلبسهما سحابة أدخنة المازوط...
والآن .. كم يلزمني من الوقت كي أقتنص كل تلك الليالي الرمضانية في الذاكرة البعيدة لأوثق عمرا قد تكون سيرته مرجعا لاستكناه تجليات مغرب صاعد من تبعات الحماية ..
1976 البدايات الشعرية الأولى
حين أقول طفولتي عصية على القبض فلأنها طفولة تجاذباها تيارا العتاقة والحداثة .. بين سلطة جد لايفاوض في المرجعية ولا يساوم في لون سلهامه القديم أوكرامة نخلاته هناك في الواحة البعيدة ، وبين تجليات حارة تشرئب على مغريات الحداثة حيث سيارة (الأوبيل) الوحيدة في الحي لجارنا (القايد علي) تربض بباب دارنا ، وحيث الحاكي (المانيتوفون ) الذي لايصمت إلا ليصدح من جديد صوت عبدالباسط عبدالصمد بآيات من الذكرالحكيم أوليطلق عمي سرب كمنجاته في سماوات أغنيات الأطلال او القمرالأحمرأوالجندول أو الداراللي هناك أوحبيب الجماهير،
1980 مرحلة تجربة قصيدة النثر
طفولتي قد تشبه شيئا ما ، كليالي سهرة السبت مع أم كلثوم على شاشة تلفازالوحيد في المقهى الذي كان يبتلع دخان الكيف وصخب جولات الكارتا ، ومعارك (الضاما) وعناد فارسها الذي يأبى أن يغادرالوادي ، وقد تشبه سينما (المونديال) في شارع (الروامزيل ) أيام الآحاد وحكاية طائرة الفيلم التي إستجديت والدي على مسمع جمهورالمتفرجين أن يشتريها لي حين أكبر، وقد تشبه جلسات الأصيل في مقهى الحبول المطلة على جنائن وعرصات الوادي الباذخ ، ولعبة الغميضة في غابة (الشباب)... أحكي اليوم كل تلك الفتنة القديمة بكثيرمن المرارة ، وتزدحم في رأسي كل تلك الصورلأغرق في فوضاها الجميلة .. فوضى تعني بلا مراء عنوانا لذاكرة ثرية ، مشبعة ببهاء مدينة من ستينات القرن الماضي ، حين بنينا الآمال على سراب التحرروالتقدم والعدالة الإجتماعية والقومية العربية ...

والآن ومن هذه الشرفة الفاسية المطلة على هامة جبال زلاغ ، تغات وزرهون ، ماذا بقي من ظل ذلك الطفل القادم من مغرب الستينات ، وماذا بقي من حب توزع بينهما ، بين مدينة كللتني بأغلى تيجان الهوية ووشمت على إهابي أجمل الأسماء ومدينة عالمة سقتني كأسا من ماء لغة (الجواهر)..بما تفيض به كأسي من قصائد وسرود وإفضاء ... هي إذن نعمة الإنتماء الذي يشبه في هويتي عملة لايعلوعليها أنفس المعادن درجة .. كل يوم أخالني أخرج من باب المنصوربساحة (لهديم) لألج باب ساحة (بوجلود) .. أخرج من هناك وأحس بالإكتمال هنا حيث ذلك الطفل لم يكبرأبدا وكأنه مازال يرتع في مدينة واحدة تتمدد على جنة سايس .. مدينة أتمنى أن تسمى في القرن القادم : (مكناسفاس)MEKNESFES